مشاركة فيديوهات ومقالات بالعربية

في الطريق الى قرار التقسيم -سمير خطيب

5.00 - (1 تقييمات)
نشرت
1828
مشاهدات
0
تعليق

ابلاغ Report

في الطريق الى قرار التقسيم -سمير خطيب

 

 
في الطريق إلى قرار التقسيم!!
 
دائما حاولت تخيل المشهد عشية قرار التقسيم٫ ومحاولة تتبع الأحداث في تلك الفترة، وكيف استطاع اليهود إقناع العالم باستصدار هذا القرار غير المنطقي وغير العادل وغير القانوني وقد قرأت الكثير من الكتب والمقالات حول الموضوع لأصل الى شبه صورة ضبابية مؤلمة جدا.
يُعد قرار التقسيم رقم 181 أكبر قرار ظالم على مر التاريخ بحق الشعوب ، وقد تم التمهيد له عندما شكلت هيئة الأمم المتحدة لجنة دولية (uniscop) بطلب من الحكومة البريطانية لأنها "عجزت" عن إيجاد حل يرضي طرفي الصراع في فلسطين،  وقد تكونت اللجنة من 11 عضوا : أستراليا ، كندا، تشيكوسلوفاكيا ، غواتيمالا، الهند، هولندا ، إيران ، البيرو، الأوروغاواي ، يوغوسلافيا ،وعين إميل ساندستروم ممثل السويد رئيسا لها ، وقد تم تشكيلها بتاريخ 17/06/1947 وتوجهت إلى فلسطين بعد أن جابت عدة أماكن بالعالم وخاصة معسكرات الإبادة النازية ضد اليهود ،  ولا بد من التأكيد أن اللجنة انطلقت في ابحاثها بالاعتماد على تقريري لجنة بيل 1937 ولجنة وودهد 1938 البريطانيتين اللتين لم ينصفا الفلسطينيين أصلا ، ومن هنا بدأت المؤشرات السلبية ، ناهيك انه لم يتم اختيار أي دولة إفريقية باللجنة ( ربما لأن تأثير اليهود هناك أقل أو محدود في تلك الفترة ) .
بالعودة الى اللجنة نفسها فحسب أقوال د. إلعاد بن درور بكتابه הדרך לכ"ט בנובמבר ( الطريق إلى 29 نوفمبر ) أن رئيس اللجنة كان يعمل بخلاف نقاشات اللجنة فكان لديه تصور انه يجب إقامة وطن لليهود فقط وتسليم باقي الاراضي للأردن ولأجل ذلك سافر إلى الاردن سرا والتقى بالملك عبدالله الأول وعرض عليه الفكرة ووافق عليها ولأجل التأكد طلب لقاء كبار ضباط الجيش " الاردني" الذي بنته بريطانيا واستفسر عن مقدرتهم السيطرة على الاراضي المتبقية بعد إقامة الدولة اليهودية ، وأكدوا له مقدرتهم على ذلك ، ناهيك أن نائبه باول موهان هو من قدم الخرائط للأمم المتحدة بعد إقرار التقسيم لأنه عرف مسبقا أنهم سيحتاجون إلى خرائط فكان اقتراحه جاهزا حيث شمل اقتراحه الأولي المقدم تخصيص 62%من الأرض لليهود و 37% للفلسطينيين  .
يقول بن درور في كتابه الذي كتبه بعد مراجعة وثائق الامم المتحدة أن هذه المستندات تشير بشكل واضح أن نقاشات اللجنة احيانا كانت صعبة حتى أن رئيس اللجنة اضطر لدعوة الشرطة لتهدئة المتناقشين مع أنه فقط ثلاث دول كانت مع الحفاظ على وحدة الأرض وتشكيل دولة علمانية ديمقراطية وهي إيران والهند ويوغوسلافيا ، والباقي كان مع تقسيم البلاد .
لقد استطاع أعضاء اللجنة الجلوس مع بيغن مع أنه كان هاربا من الحكومة البريطانية ، وذلك لأن اليهود سهلوا عملية لقائه لاسماعهم الرأي المتشدد بين اليهود ، وعلى هذا تم بحث الأمر في البرلمان البريطاني أنه كيف استطاع أعضاء اللجنة العثور على بيغن بينما القوات البريطانية لا تعرف مكانه .....ويؤكد الكاتب أن ممثل هولندا لم يشارك بجولات اللجنة لأنه أصيب بكاحله قبل بدء عمل اللجنة ، وممثل أستراليا ونائبه قضيا معظم وقتهم يسهرون ويسكرون مع اصدقائهم اليهود ولم يشاركوا في أغلب الجلسات ، ولكن الاهم الدور الذي لعبه ممثل غواتيمالا خورخا غارسيا غراندوس وممثل اوروغواي انريكا رودريغس فبريغات فقد كانا عيون الوكالة اليهودية في اللجنة ويوصلوا المعلومات أول بأول للوكالة ، وكانت معلوماتهم مهمة جدا حيث استطاع اليهود عبر هذه المعلومات متابعة أعمال اللجنة وتحضير تقارير ورسائل توجه النقاش باتجاههم . (وهنا يحضرني  ما كتبه بيني موريس في كتابه "1948 - تاريخ الحرب العربية الاسرائيلية الأولى " أن الحركة الصهيونية رصدت مليون دولار للرشاوى تمهيدا لنقاشات الأمم المتحدة بينما جامعة الدول العربية رصدت فقط مليون دولار لجيش الانقاذ والتي لم يصل منها شيئ).
بعد ان اتخذ القرار باللجنة بتقسيم فلسطين لم ينتهي الأمر فهناك حاجة لإقراره بالأمم المتحدة ، ويجب الحصول على ثلثي الأعضاء ولم يكن هذا سهلا ولم يتخيل العرب/الفلسطينيون أنه يمكن الحصول على ثلثي الأعضاء وهنا دخلت الولايات المتحدة على الصورة بشكل علني وضغطت على كل من هاييتي وليبيريا والفلبين  وهددتهم بقطع المساعدات عنهم مما اضطرهم للتصويت مع القرار ، وسيكتشف التاريخ لماذا امتنعت يوغوسلافيا مثلا مع أنها كانت معارضة في نقاشات اللجنة ، وقد قال وزير الدفاع الأمريكي أنذاك جيمس فورستال في مذكراته عن الموضوع :" إن الطرق المستخدمة للضغط ولإكراه الأمم الأخرى في نطاق الأمم المتحدة كانت فضيحة ". 
ما حصل بعد ذلك يقول كل شيئ بالمعطيات فمنذ ذلك القرار رصدت الحركة الصهيونية 60 مليون دولار لشراء الأسلحة وأعدت جيشا قوامه 70 ألفا مدججا بالطائرات والمدافع ناهيك عن الخبرة فالكثير منهم كانوا جنودا سابقين بينما قوام جيش الانقاذ 7700 جندي غالبيتهم من المتطوعين واسلحتهم البنادق القديمة .
الخلاصة أن تآمر الرجعية العربية والامبريالية مع الحركة الصهيونية كان أكبر بكثير من قدرات الشعب الفلسطيني الدبلوماسية والعسكرية والمادية ، وللأسف كان أمر النكبة محتوما .
 
سمير خطيب 29/11/2020
 
1828
مشاهدات
0
تعليق

ابلاغ Report

تصنيف: 
جاري التحميل