ما معنى كلمة نفط؟ - عزمي بشارة
أ و ب حول اللفظ
أ. ما معنى كلمة نفط؟
ب. لم أفهم سؤالك. هل تقصد المادة؟
أ. لا أدري: هل هو مادة، أم قيمة أخلاقية، أم موقف، أم تيار سياسي؟
ب. لا طبعا، هو مادة مهمة تنتج طاقة، وتباع وتشترى. وتشكل مصلحة حيوية للصناعة والمدنية عموما، ولذلك فقد تشكل سببا للصراعات والانقلابات والحروب وغيرها.
أ. ولكنها بحد ذاتها ليست خيرا أو شرا؟
ب. بالطبع لا.
أ. لماذا تشكل إذا تهمة بحد ذاتها أحيانا. فيقال طبعا، "أموال النفط" لنعتها بأنها أموال قذرة.
ب. هنالك في الوطن العربي موقف تاريخي من التقسيم الذي أدى الى تقسيم بين دول وإمارات تنتج النفط، ودول عربية متقدمة وغير غنية بالثروة الطبيعية، وتحول هذا الواقع المصنوع الى سبب للمرارة، لا سيما وأن هذه الدول عموما اصطفت في المعسكر الأميركي في زمن القطبين، وحكمتها أنظمة تقليدية. أما الدول الأخرى فلم تدرك أن الدول التي تطورت في العالم الثالث هي تلك التي لا تملك مواد خام للبيع، بشرط أن تتوفر لديها سياسة اقتصادية تنموية، وهؤلاء لم يتطوروا وكان عليهم ان يتهموا أحدا.
أ. حسنا ولكن بعض الجمهوريات كانت تنتج النفط وتبيعه. وكان بعضها يستخدم المال للتدخل في دعم مواقف وأحزاب خارج بلده. ولم يقال عن الفصائل التي تقبض منها أن تقبض من "أموال النفط".
ب. صحيح طبعا. والاتحاد السوفييتي، وروسيا في أيامنا مصدر دخلها الرئيسي من الصادرات هو النفط، وكذلك ايران وفنزويلا، ولا يقال أن المقاومة تتلقى أموال النفط. وهي في الواقع تعتاش على أموال النفط.
أ. ولكن لا يقال عمن يدعمونه أنه يدعم ب"أموال النفط"، مع أنها أموال نفط.
ب. صحيح
أ. إذا هو ليس مجرد مادة؟
ب. لا ادري.
أ. ونفس دول الخليج التي تسمى أموالها أموال النفط، هل كانت تقدم أموالا للنظام السوري، ولغيره، وأقصد المال عدا ونقدا لزعاماته وليس مجرد استثمارات في بناء مؤسسات وغيرها؟
ب. صحيح، كانت تقدم لهم أموالا.
أ.ولكنهم لم يسموها "أموال النفط".
ب.طبعا لا.
أ. اذا هي ليس فقط لا-مادة، بل حتى حين تكون نفس المادة، فإنها لا تسمى بالاسم نفسه. ففي روسيا وإيران وليبيا والعراق لا تسمى الأموال التي يتم تلقيها من بيع النفط "أموال النفط". وكذلك في سورية حيث لم تدخل أموال بيع النفط السوري في الميزانية إطلاقا واستخدمت لأغراض مختلفة ايضا في الفساد والإثراء الخاص، وأيضا في التدخل السياسي في دول أخرى ولم تسمى أموال نفط. وهي تسمى كذلك في دول الخليج العربية فقط. ولكن اذا قدمتها دول الخليج نفسها الى من يتهم الآخرين بتلقي أموال النفط لا يعود اسمها "أموال النفط".
ب. صحيح.
أ. ومن يتخذ موقفا معينا قد يقال عنه انه يتلقى أموال النفط، مع أن هنالك احتمال لا يتلقى اي أموال، لا من النفط ولا من غيره.
ب. صحيح.
أ. إذا هنالك وضع يتلقى فيه البعض "أموال النفط"، ولا يقال عنهم ذلك، وهنالك من لا يتلقى أي أموال ويقال أنه تلقى "أموال النفط".
ب. صحيح. ولكن مع ذلك هنالك من يتلقى أموالا من دول أجنبية، السؤال هو ليس من بيع أي مادة، ولكن ما هو موقفه ولصالح من. وهنالك من يشعر أنه اذا كان هنالك طرف ضده، فيجب أن يكون قد تلقى أموالا ما. ربما لأنه يصنع هو مواقفه بهذه الطريقة، اي بتلقي المال. وربما لأنه لا يمكنه تخيل أن للآخر موقف مبدئي، لانه هو لا يصدق ان الناس قد تحركها قيم وليس إما مصالح وأموال أو أيديولوجيات وشعارات. هنالك ايضا قيم وأخلاق ومواقف.
أ.ما هو النفط اذا؟ هل هو أيديولوجية، موقف: من معي ليس نفطا، ومن ضدي هو نفط؟
ب.لم أعد أدري، ولكن استطيع أن أشرح لك شيئا عن الكذب. هل تريدني أن اشرح لك شيئا عن الكذب.
أ. لا شكرا.
