مشاركة فيديوهات ومقالات بالعربية

أصوات الأذان في الصباح

5.00 - (1 تقييمات)
نشرت
805
مشاهدات
0
تعليق

ابلاغ Report

أصوات الأذان في الصباح

هذا المقال جاء تعقيبا على المقال المنشور في واينت بعنوان "لا نريد ان نستيقظ في الصباح على صوت الله أكبر".

قد يستغل البعض هذا المقال من أجل نشر فتنة بين المسلمين واليهود او حتى بين المسييحين والدروز العرب واشقائهم المسلمين في البلدات العربية لكن لا بد من الاعتراف ان هنالك القليل من الحق في هذا المقال. فالمقال بتعرض لاستياء عدد معين من السكان اليهود والعرب من ظاهرة رفع اصوات الأذان عبر مكبرات الصوت في خمس اعلانات الصلاة اليومية - واضيف انا في خطبة الجمعة.

إنني اذكر الى هذا اليوم التعريف الذي تلقيناه في المدرسة في حصة المدنيات عن معنى الحرية، وهي: الحرية ان تفعل ما تشاء وقتما تشاء اينما تشاء بحيث لا تضر بحرية الآخرين. وهذا نوع من التكرار في التعريف بيحث تقول: تفعل ما تشاء وقتما تشاء اينما تشاء بحيث لا تمنع اي شخص من ان يفعل ما يشاء وقتما يشاء... وهكذا.

نحن نعيش في مجتمع مكبوت مصروع ومكتئب من شدة التوتر العربي الاسرائيلي في بلادنا ومن جراء العنف الموجود في ديارنا. مما يجعل النفوس حساسة لكل عمل يقلل من احترام الغير ويقلل من اهميتهم في اعين الجماعة عامة. لذلك فان التآخي واحترام الحريات (ولو كانت اقلية) هي الجزء الاهم والاساسي في وحدة المجتمع المتفكك والمحبط من جراء التوتر الدائم. وعلى غير عادة ترى ان الناس يستطيعون ان يحولوا قدرة احتمالهم لاقصى درجات التحمل لكي يحافظوا على هدوئهم واستقرار  امنهم، ولو انهم يثورون في البيت، لكنهم حفاظا على الروابط الاجتماعية يلتزمون الصمت.

فمثلا يستطيع المواطن احتمال كل يوم وابل من الرصاص في الاعراس والاصوات العالية لمكبرات الأفراح والمضايقات في حركة السير والمضايقات في موقف السيارات لان هذه الحالات لا تتكرر مع نفس الشخص وعلى الأغلب ان تتبدل المواقف ويتحول المواطن من لائم الى ملام في عدة مرات.

لكن الوضع هنا يختلف. فرفع الاذان 5 مرات في اليوم، منها واحدة في الصباح الباكر جدا هي ليس امر تتبدل به المواقف وليس امر عشوائيا يحصل في ايام معينة ومناسبات معينة، بل هو امر يتكرر كل يوم. وهنالك يوم الجمعة المميز والخاص بخطبة الجمعة. تخيل المدارس الموجودة بالقرب من المساجد، كم يسبب لها ازعاج لمؤسسة التعليم بالذات يوم الجمعة. تخيل البيوت القريبة جدا من المساجد. بغض النظر عن ديانتهم وايمانهم. تخيل الاطفال الذي ينامون في هذه البيوت ويريدون الذهاب الى المدرسة صباحا يضطرون للاستيقاظ باكرا على اصوات الاذان في الرابعة صباحا ويستصعبون العودة الى النوم مع انهم يريدون الاستيقاظ بعد ساعتين ونصف من اجل المدرسة. ناهيك عن العمال المطروحين ويريدون الذهاب الى العمل ويبحثون عن الراحة الكاملة في نومهم.

فيسأل سائل. لماذا ترفعون الاذان وخطبة الجمعة عبر مكبرات الصوت؟ فيجيب ممن يدعمون الآذان انها لكي تعلن اوقات الصلاة للناس في البلدة، وفي يوم الجمعة لكي يسمع من في البيوت ممن لم يستطيعوا الذهاب للمسجد الصلاة والخطبة.

قد يكون هذ الجواب صالح لبلدة 100% مسلمين 100% منهم يرغبون في سماع الخطبة وفي سماع الآذان و 100% ممن يحيطون بالبلدة يرغبون في ذلك. لكن لكي نطبع مبدأ الحرية في بلادنا، يجب علينا التأكد ان النسب التي نتكلم عنها هي فعلا ما نتوقع. ويجب علينا ان لا نهين او نستهين برأي اي احد وعلينا ايضا ان نحترم رأيهم المختلف ولا نصنع فتنة معهم لتعارضهم مع ارائنا. فلو قام المسيحيين او الدروز او اليهود بهذا العمل كل يوم لقام المسلمون ولم يقعدوا. لذلك يجب علينا ان نتفهم الطرف الآخر ونتجرأ ونعبر عن رأيينا ونحترم الرأي الآخر.

لقد تقابلت فعلا مع مسلمين لا يهمهم الصلاة بقدر ما يهمهم ان يكون الآذان عاليا جدا ليعلن الوجود الاسلامي في البلدة. وفي اوقات العيد وفي رمضان يتم رفع الصوت اكثر فيخترق الزجاج المدجج والبيوت البعيدة واذان كل النائمين ليعلن ان المسلمين قد عيّدوا. 

فالسؤال حقيقة هو. هل المسلمين في عام 2011 لا يمتلكون اي اداة اخرى لاعلان وقت الصلاة؟ وهل الشخص المعني بالصلاة يبقى في البيت ليسمع خطبة الجمعة؟ وهل يذهب الشخص للعمل بدلا من اداء صلاة الجمعة ليرفع له الامام الصلاة عبر مكبر الصوت ليدعه يسمع الصلاة؟ هل الصلاة بالاكراه؟ هل الصلاة الساعة 4 صباحا خير من النوم لكل الناس؟ هل كل الحياة في البيوت والمدارس يجب ان تتوقف عن النبض في يوم الجمعة؟ هل سيضطر كل المسيحيين والدروز واليهود الى سماع الاذان وصلاة المسلمين بدون ان يتفوهوا باي كلمة لكي لا يتهمم الرأي العام بالعنصرية؟ هل يرضى الله بهذا؟ هل الله اله لا يهمه راحة غير المسلمين ولا يهمه رأيهم؟

اجابة حنين زعبي في المقال المنشور في واينت تبدو ساذجة وخالية من كل القيم الأخلاقية. فاجابتها تتلخص بان ما دام اليهود سرقوا اراضينا فسنجعلهم يهربون منها بصوت الأذان. في هذا لم تنتبه حنين ان اكثر البلدات العربية هي خليط بين مسيحيين ودروز ومسلمين. فاجابتها ليس فقط تقلل من احترام الآخرين العرب (ولو انهم اقلية) بل هي ايضا توجه اصبع اتهام بالعنصرية لكل من يتوجه ضد الأذان. وكيف نتوقع من شخص مثلها لا يحترم حرية الاقليات ولا يعرف معنى الحرية ان يشارك في قافلة الحرية؟ فهذا يوضح ان الأمر هو ليس اعلان صلاة وليس ايصال الصلاة للناس بل هي مجرد طريقة احباط وعربدة وطرد للناس غير المسلمين من المنطقة (عربا كانوا ام يهودا).

فنسأل الآن. لماذا منعت دبي والادرن الأذان في كثير من الأماكن؟ لماذا الضفة الغربية الفلسطينية نفسها منعت الأذان في كثير من مناطقها؟ ام ان مسلموا الداخل هو اكثر اسلاما من هؤلاء ام اشد غيرة على الصلاة من هؤلاء؟ ام ان القصة ببساطة ليس لها اي دخل بالعقيدة الاسلامية؟

وبالنسبة للامام المتذمر من صوت القطار في البلد. هل نمنع القطار؟ نعم بالطبع. الا يخل صوت القطار باحترام حرية الآخرين؟ بامكانك رفع شكوى قضائية مع كل اعضاء الحي والمدينة التي انت موجود بها وبامكانك ازاحة خط القطار من الاماكن السكنية وهذا جزء لا يتجزأ من الحرية الكامنة في الداخل، وهي انك تستطيع ان ترفع دعوى ضد اي شخص يزعزع من حريتك وراحتك. ان كان هنالك 100 خطأ وردع للحرية لا يعني اننا يجب ان نوافق على الاستهانة بحرية الآخرين.

وان كان المسلمون في الداخل قد تمتعوا بامتيازية رفع الاذان كل يوم خمس مرات منها واحدة في احلك ساعات الصباح ورفع صلاة الجمعة كاملة فهذا لا يعني ان هذا هو الوضع المثالي وان الجميع راض بهدر حرية الاقليات، بل ان دل هذا على شيء فانه يدل على رغبة الناس في التزام السلام وعدم اشعال الفتن. وكما يتوقع العرب في الداخل من الاسرائيلين احترام حقوقهم وحرياتهم بصفتهم اقلية في المجتمع الاسرائيلي لربما يتوقع ايضا المسيحيين والدروز (ولربما اليهود) احترام حقوقهم وحرياتهم.

لنكون مجتمعا مثاليا ولنحظى باحترام الامم الاجنية كلها لا بد بداية ان نحترم الخليط الذي نتكون منه ونحترم كل شخص وكل جيل وكل فئة في مجتمعنا العربي، عندها ربما سيرى الغرب ان العرب راية لكل الشعوب.

 

805
مشاهدات
0
تعليق

ابلاغ Report

جاري التحميل