مشاركة فيديوهات ومقالات بالعربية

إلى أين ذاهبون ؟ -سمير خطيب

4.00 - (1 تقييمات)
نشرت
455
مشاهدات
0
تعليق

ابلاغ Report

إلى أين ذاهبون ؟ -سمير خطيب

إلى أين ذاهبون ؟

ماضي وحاضر ومستقبل!!  

 

الإجابة على هذه السؤال ليست سهلة ، بل يمكن القول انها صعبة جدا ، ولكن من الضروري أن نعرف أنه لا يمكن  الاجابة على أسئلة  اليوم والمستقبل بأجوبة الماضي , ولهذا نحن بحاجة لتطوير التفكير وأساليب النضال بما يتلاءم مع امكانياتنا والواقع السياسي الجديد ، لأنه أن تكون فاعلا ومؤثرا خيرٌ من أن تلعب دور الضحية،  التي تنتظر القدر في هذا السياق وتلك الصيرورة حتى لو تأخرت النتائج ، ولكن قبل ذلك يجب أن نعرف أنفسنا:

 فنحن الأكثرية التي صارت بين ليلة وضحاها أقلية ، في ظل أكثرية عنصرية فاشية بامتياز ، ومتأصلة بكل مجالات الحياة  ، ننقسم لثلاث مجموعات ، الأولى ما زالت تعيش حالة من الماضوية النفسية بشعور اننا الأكثرية الحقيقية،  والثانية تعاني من عقدة النقص القومية ،  وتتعامل مع الأكثرية بمنطق ونفسية النكبة والذل والخنوع أمام الخواجا ،(والمميز لهذه المجموعة على الغالب, التصويت للأحزاب الصهيونية) ، والثالثة وهي الاغلبية الساحقة  ، واقعية ، تحفظ التاريخ جيدًا ولكن عينها على المستقبل بنظرة ثاقبة ،  آخذة بعين الاعتبار التغيرات الديموغرافية والجيوسياسية  في المنطقة  والعالم ،  وتحاول أن تصنع لها بشموخ موطأ قدم في كل موقع ، والمميز لهذه المجموعة التصويت للأحزاب العربية سابقا والان للمشتركة وفي اسوأ الحالات لأحزاب اليسار الصهيوني وخاصة ميرتس .

 نحن المجموعة التي عانت وما زالت من التهميش المضاعف فمنذ النكبة كنا على هامش اهتمامات المجتمع الفلسطيني وعلى هامش تشكلاته الاجتماعية والسياسية ، وعلى هامش حركته الوطنية- التي تشكلت في المنفى - والأهداف التي وضعتها لنفسها ، وعلى نحو مواز لكنه مختلف بالجوهر والهدف على هامش المجتمع الإسرائيلي,  وتم التعامل معنا على أننا أعداء مفترضين لأننا كنا وما زلنا العائق الأساسي والحقيقي أمام تشكيل الدولة اليهودية حسب المشروع الصهيوني ، ولكن بالرغم من التهميش والتخوين والإقصاء ، ثبتنا هويتنا الوطنية والقومية عبر محطات نضالية أهمها اول ايار عام ١٩٥٨ ويوم الأرض وهبة القدس ،  واستطعنا بالرغم من التمييز أن نتبوأ المراكز العلمية والمهنية ونحافظ على لغتنا وتراثنا العربي الفلسطيني.

نحن الذين  نحمل هوية مزدوجة ( غير مفهومة ضمنا)  , ومن الصعب للناظر من بعد تفهمها, وهي الهوية القومية الفلسطينية والمدنية الإسرائيلية ، وكان للحزب الشيوعي الفضل الأساسي بإيجاد الصيغة الجدلية المناسبة والدقيقة جدًا لحل هذا التناقض بالإصرار على المواطنة الكاملة والحقوق القومية الكاملة عندما رفع شعار المساواة المدنية والقومية ، وقاد نضالات شعبية وقانونية وبرلمانية مع المخلصين والوطنيين من أبناء شعبنا، فكانت النتيجة تعزيز الهوية الوطنية الفلسطينية لدى شعبنا ، وبناء مؤسسات وحدوية جماعية كلجنة المتابعة ولجنة رؤساء السلطات المحلية وأخيرا كانت تجربة القائمة المشتركة ، ولكن ما زال التمييز ضدنا قائما ، ويزداد التحريض علينا من أعلى الهرم في المؤسسة الإسرائيلية ويتم سن قوانين عنصرية فاشية لإقصائنا وأهمها قانون القومية سيئ الصيت.

اليوم بعد أن تعززت هويتنا واصلَّب عودُنا علينا أن نطرح السؤال إلى أين ذاهبون؟ والانتقال من مرحلة الصمود والبقاء وهي الأهم, إلى مرحلة التأثير والتغيير والتي لا تقل أهمية أيضا.

إن الإعداد المناسب هو الأساس للنجاح ، وافعالنا لن تكون حكيمة الا بحكمة افكارنا،  وأفكارنا لن تكون صحيحة الا بقدرة فهمنا وتفهمنا للمعطيات الموضوعية والمتغيرات الجيوسياسية وخطر الفاشية الذي يلوح في الافق الاسرائيلي , وبنظرته التاريخية النفاذة, وصدق انتمائه الى الطبقة العاملة، فضح ديميتروف الارتباط العضوي بين الفاشية والرأسمالية والامبريالية، مؤكدا ان الفاشية هي ظاهرة رأسمالية عالمية، وهي "القبضة الحديدية" للرأسمال الاحتكاري، وهي ليست ظاهرة "المانية" فقط او "ايطالية" فقط، وانها تغير اشكالها. وكأنه اليوم  يعيش  بين ظهراننا حيث بيـّن ديميتروف ان "الميول الفاشية في الولايات المتحدة هي مموهة بوصفها "اميركانيزم"، و"دفاع عن المؤسسات الحرة" و"محافظة على الدمقراطية" و"السلم"" وفي الوقت الذي اكد فيه ديميتروف ان الطبقة العاملة وحركات التحرر الوطني هي الاكثر مصلحة تاريخيا للنضال ضد الرأسمالية والفاشية معا، فهو اكد في الوقت نفسه ان الفاشية، بوصفها ابشع شكل من اشكال تمظهر الرأسمال الاحتكاري تتحول الى ظاهرة متناهية الوحشية، لا تسمح بأدنى شكل من اشكال "الدمقراطية البرجوازية" والتحرر الوطني وحقوق الانسان وحرية المعتقد والدين والرأي الخ.، وهي تهدد المجتمع البشري  والانسانية بأسرها. ومن هنا كانت دعوته، من على منبر "الاممية الشيوعية"  وفي المؤتمر السابع تحديدا، لإنشاء الجبهات الشعبية الموحدة للنضال ضد الفاشية, فلن نكون ماركسيين لينينيين ثورين. وتلامذة جديرين لماركس وانجلس ولينين, ما لم نعد النظر كما ينبغي في سياستنا و تكتيكنا وفقا لما يمليه الوضع المتغير والتحولات الطارئة على المجتمع الاسرائيلي خاصة وموازين القوى العالمية , ولن نكون ثورين حقا ما لم نتعلم من تجربتنا الخاصة ومن تجربة الجماهير, والماركسية تعادي كل نمطية جامدة, وتراعي الوضع الملموس في كل لحظة وفي كل مكان معين, لا ان يجري وفق قالب مقرر لكل زمان ومكان. و ألا ننسى ان موقف الشيوعيين لا يمكن ان يظل واحدا في مختلف الظروف.

يجب أن نحسب حسابا دقيقا لسائر مراحل  تطور الصراع, ونمو الوعي الطبقي والوطني  لدى الجماهير العربية واليهودية  بالذات, وان نشخص ببراعة في كل مرحلة  ونحدد المهام الملائمة للنضال التي تتناسب مع تلك المرحلة.,

 

علينا كسر القاعدة التي تقول أن كل ما هو مضر للفلسطينيين جيد لليهود، وأن كل ما هو مضر باليهود جيد للفلسطينيين ، وإيجاد الصيغة المشتركة لمصلحة الشعبين بحيث يكفل إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة لجانب إسرائيل وتحقيق حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني بعد أن حظي اليهود بتقرير مصيرهم عام ١٩٤٨ ،وإذا تعاونت الجماهير الوطنية العاقلة من أبناء

شعبنا ، مع عاقلين  مفترضين في المجتمع اليهودي الاسرائيلي، نصل الى مبتغانا ،ومصلحة شعبنا تستدعي العمل على زيادة أعدادهم وتشجيعهم بتطوير مفاهيمهم وتفكيرهم ، والتعاون معهم لتعظيم دورهم في مواجهة عتاة العنصريين في الحركة الصهيونية، لما يعود من ذلك من منافع وتحقيق مصالح لشعبنا واجيالنا المقبلة (ولليهود في اسرائيل واجيالهم المقبلة ايضا).

إن الوضع الفلسطيني يمر في هذه الأيام بأصعب مراحله , وتتفاقم أزمته بسبب الانقسام الفلسطيني وتردي الحال العربي الذي من المفروض أن يكون المؤازر والمساند للموقف الفلسطيني , ناهيك عن ازدياد قوة إسرائيل العسكرية والاقتصادية , ولهذا تقع علينا كجزء حي وفاعل من الشعب الفلسطيني مسؤولية وطنية من الدرجة الاولى بالعمل على دعوة كل من يناهض الاحتلال بغض النظر عن خلفيته الفكرية ودوافعه الأيديولوجية إلى العمل معا على اربعة  نقاط محددة وهي السلام والمساواة والعدالة الاجتماعية والحفاظ على الحيز الديمقراطي يكون في مركزها انهاءالاحتلال  الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، وترسيخ فكرة أن السلام يجلب الأمن والرخاء الاقتصادي , وأن السلام لن يتم الا بإنهاء الاحتلال ، وعلى الجميع المساهمة في هذا المشروع  كل من موقعه السياسي والمهني والاجتماعي وبهذا نكون قد أدينا مهمة وطنية فلسطينية،  ومهمة لصالح المجتمع الإسرائيلي أيضا  الذي نحن جزء منه (بحكم الهوية المدنية ) كي يتم تحويل أموال الاستيطان لصالح الطبقات الضعيفة اليهودية والعربية ، ومن الجدير بالذكر أن القائمة المشتركة لها دور بارز وفعال بالموضوع خاصة بعد الانتخابات الأخيرة , والخطوة الجريئة التي اتخذتها بالتوصية على غانتس بالرغم من كونه احد جنرالات الحب لتشكيل الحكومة (منعا لوصول نتنياهو اكبر المحرضين علينا واكثر الفاعلين لعرقلة عملية السلام ) لأنها أعادت طرح قضية إنهاء الاحتلال ،  بعد أن كانت مغيبة عن السياسة العامة في إسرائيل.

 

إن إنهاء الاحتلال يعني فتح صفحة بالعلاقات العربية الإسرائيلية والتي حتما ستنعكس إيجابيا علينا كأقلية فلسطينية تحمل المواطنة الإسرائيلية، ولهذا فإن هذا المشروع بحاجة للتخطيط السليم وطويل الأمد، ومن البديهي أن تكون الجبهة عموده الفقري لأن الشراكة العربية اليهودية بها حقيقية , ولان هذا في صلب أهداف الجبهة , وهي السلام والمساواة القائم على إنهاء الاحتلال اولا.

 

د. سمير خطيب

كفركنا 03/2020

455
مشاهدات
0
تعليق

ابلاغ Report

تصنيف: 
جاري التحميل