• تأملات من العهد القديم: الأولاد الآيات - القس حنا كتناشو

تأملات من العهد القديم: الأولاد الآيات (أشعياء 7 – 9)

عاش أشعياء في زمن صعب مليء بالغزوات والمؤامرت والقلاقل السياسية والعسكرية. وعاش في زمن انقسم فيه الشعب إلى مملكتين وحاربت إحداهما الأخرى. وكثـرت الانحرافات الدينية والعبادات الوثنية. فدعاه الله أن يحارب كل هذا الفساد وأن يوقظ الشعب من السُبات الأخلاقي والروحي. وفي وسط الأزمات جعل الله أولاد أشعياء آيات وعجائب إذ يقول: "هأنذا والأولاد الذين أعطانيهم الرب آيات وعجائب في إسرائيل" (أشعياء 8: 18). ونجد ثلاثة أولاد في الفصول 7 – 9 وجد ولدا أيضا في الفصل 11.             

لقد تحدثنا عن الولد الأول في تأمل سابق ورأينا أنه الولد الآية عمانوئيل (أشعياء 7: 14؛ راجع أيضا 8: 8، 10).

أما الولد الثاني فهو مهيـر شلال حاش بز. أبوه أشعياء وأمه نبية. وربما يكون صاحب أطول اسم في الكتاب المقدس. ويحمل اسمه المدلول: أن الغزو سيتم سريعا والنهب سيتحقق بلمح البصر. والمقصود هو دمار دمشق والسامرة اللتين تآمرتا ضد أورشليم. وبينما كانت آية الولد الأول "عمانوئيل" تدل على معية الله مع شعبه كمخلص وديان. فإن آية الولد الثاني تؤكد دينونة الأشرار. تحدثت آية عمانوئيل عن دمار دمشق والسامرة قبل أن يميـز الولد بين الخيـر والشر أي بعد أن يتجاوز عمره اثني عشر عاما. أما الولد الثاني "مهيـر شلال حاش بز" فإنه يدل على الدمار الآتي قبل أن يقول الولد: بابا وماما.             

الولد الثالث عجيب جدا. فهو ملك مصيره قتل الظلام وانهاء الشر وتحقيق الوعود. ونجد في أشعياء الفصل التاسع أن الشعب الذي تآمر ضد يهوذا وتحطم على يدي آشور سيشرق عليهم النور وسيتفجر فرحهم كالبركان وذلك لثلاثة أسباب جميعها تبدأ بكلمة "لأن". السبب الأول أن قوة الظالم ستنكسر. والسبب الثاني أن أسلحة الظلم ستحترق وتُدمر. والسبب الثالث أن رئيس السلام سيوُلد. وستوُلد معه مملكة السلام والبر. ويحلم أشعياء بهذه المملكة فيتحدث عن قضيب من جذع يسى (أشعياء 11: 1) يحل عليه روح الحكمة والفهم والمشورة والقوة والمعرفة ومخافة الرب ويقضي بالعدل ويحكم بالإنصاف ويدين الأشرار. وبه ينتهي السبي من أربعة أطراف الأرض.             

لا شك أن حُلم أشعياء مرتبط بمملكة المسيح. وحُلمه حفّزه أن يخدم وأن يُعلن العدل والبـر ويحارب الشر بكل أنواعه. آمن فعلا بملكوت الله الآتي. آمن فعلا بقوة ابن داود وبحلول روح الرب عليه. ونحن الآن نحيا في زمن المملكة الداودية ولكننا فقدنا الحُلم بالطفل الآية، الملك الإله الذي غيّـر كل المعادلات. وُلد يسوع المسيح ابن داود وأرسلنا لممالك الظلام بقوة نوره. فلنرفع نور المملكة الداودية وننشر مُلك يسوع بالحق والبـر والعدل.

 

هذا المقال وكل المقالات التي تنشر في موقع "تعال وانظر" هي على مسؤولية كاتبيها ولا تمثل بالضرورة رأي هيئة التحرير في الموقع