• عندما زار بولس الرسول الجش - بقلم: بطرس منصور
عندما زار بولس الرسول الجش - بقلم: بطرس منصور

هزت الاركان وتأججت العواطف الماً لقضية مقتل الفتاة يارا من القرية الوادعة الجش في الجليل الاعلى المطلة من "بيادرها" على يارون ورميش في جنوب لبنان.  

وتربطني بالجش، او باسمها القديم جيسكالا، علاقة خاصة اذ هي مسقط رأس عائلة والدي، رغم اني ولدت وترعرعت في الناصرة. لطالما عُرفت الجش  بهدوئها وسكينتها وجمالها ومناظرها الطبيعية الخلابة، اذ تجلس خجولة على تلة بينما تواجه الجرمق من الجنوب وجبل الشيخ من الشمال الشرقي.

 

عُرف اهلها بهدوء اعصابهم وبطبيعة حياتهم الملائمة للاجواء: سكون، هدوء يصاحبهما محبة اهل البلد لبعضهم وانفتاحهم.  

لذلك جاءت الجريمة النكراء المتمثلة بمقتل الفتاة اليانعة بنت السادسة عشر ربيعا بعد اختفائها لعدة ايام وايجاد جثتها في حاوية زبالة، صادمة بل مفزعة للغاية.  

لقد وصلت الوحشية والاجرام حتى الى القرية المسالمة ذات الثلاثة آلاف مواطن فقط!  

بحسب التقليد فان اصل عائلة شاول الطرسوسي (الذي آمن بالرب على طريق دمشق واصبح بولس الرسول) هو من الجش والبعض اضاف ان عائلة بطرس الرسول ايضا كانت ايضا من الجش في الاصل...! لا اعرف مدى صحة ذلك تاريخيا ولكن بكل الاحوال ولو ان الرسول بولس مثلا دخل في ايامنا للجش حنينا لبلد اهله لتقديم واجب العزاء للعائلة الثكلى ولاهل البلد قاطبة فكلهم يبكون يارا، لقال لهم:  

خلق الله الانسان على صورته واعطاه قيمة وللأسف اخطأ الانسان وابتعد عن قصد الله. وببعده هذا قلل من قيمة الانسان: اولا من قيمته هو نفسه وثانيا من قيمة غيره. قلل من قيمة نفسه عندما تمرغ في وحل الخطية وابتعد عن الله. ومن قيمة غيره عندما تحلى بالانانية وحب الذات والمصلحة الشخصية فقلل من قيمة الغير ليرفع قيمته هو وليشبغ غرائزه واهواءه. راعى الانسان الخطية رغم صغرها فكبرت وانبتت الكراهية في القلب...وهذه عندما كبرت ونضجت وبظروف خاصة ولّدت القتل.  

ما من رجوع من الحالة المزرية التي تمثلت بالقتل الوحشي ليارا الا العودة للمحبة الصادقة التي لا تطلب ما لنفسها ولا تقبح ولا تظن السوء. والمحبة لن تولد من العدم وانما من مصدرها- الاله المحب الذي بذل نفسه لاجلنا. هو المولد لها .  

والمحبة هي جانب واحد من المعادلة. الجانب الآخر هو انتهار الشر وفضحه والتنديد العام له وليس مسايرة من يرتكبونه.  

رغم حلكة ظلام الظروف التي احاطت بمقتل الشابة اليانعة يارا، لن نشك بصلاح الله. يارا في مكان افضل حيث لا وجع ولا جوع ولا قتل. سيلتقي احبائها معها في مكان افضل.  

نصلي لاهل يارا ولكل اهل لتلك البلد الخاصة المسالمة طالبين لهم العزاء من اله التعزية . كما نصلي للبلد لكي تعود وتحل فيها روح المحبة والوئام والصلح والامان.

هذا المقال وكل المقالات التي تنشر في موقع "تعال وانظر" هي على مسؤولية كاتبيها ولا تمثل بالضرورة رأي هيئة التحرير في الموقع