مشاركة فيديوهات ومقالات بالعربية

سيدة الموضة- سمير خطيب

1.50 - (2 تقييمات)
نشرت
1022
مشاهدات
0
تعليق

ابلاغ Report

 

 

كانت اجمل النساء وكانت تحب الحياة , عندما فقدت زوجها المحب والمعيل ، لقد قتله مجرمون اوباش لانه رفض ان يعطيهم امواله ، كان الخبر صاعقا ومن شدة الصدمة أضاعت حزنها بين قلقها على أولادها الخمسة الصغار ومصيرهم المجهول وبين حرصها على البقاء صامدة بعيونهم وبعيون الطامعين بها ، حضنت أولادها وقالت : 
" اسمعوا يما ما النا الا بعض " .
لم تكن تدري ان البيت ، قلعتها التي بنتها مع توأم روحها قد زور اللصوص اوراقه ، وبسرعة البرق رموها وأولادها للشارع ، وكانت مضطرةً أن تهتم بالمأوى والطعام والشراب واللباس والتعليم ، مرة اخرى حضنت اولادها وقالت : 
" لازم نظل مع بعض ، يا منموت سوا يا منعيش سوا " .
اشتغلت بكل شيئ ، كانت تدور بين البيوت وتسأل عن عمل ، مرة تنظف البيوت ومرة تعمل بالحقل وأحيانا ترعى الغنم حتى انها اضطرت أن تعمل بالبناء عدة مرات ، تحملت الاهانات كثيرا والتجريح احيانا ، لبست رث الثياب بعد أن كانت رمز الاناقة وسيدة الموضة لكنها لم تسمح لأحد أن يخدش عفتها، وكانت تعود لأولادها باجر قليل وأحيانا مع بعض الثياب المستعملة وبقايا مطابخ الأغنياء لأولادها وتقول لهم : " مش مهم يما , المهم اليوم نعيش ، بكرة بتكبروا ومنصير مثل الناس ، بس ديروا بالكو من الخيانة " . 
لم يفهم الاولاد حينها معنى الكلام فهم سعيدون بكل ثوب جديد حتى لو كان مستعملا , وكل كتاب يتصدق عليهم به أحد من الناس حتى يتعلموا حتى لو كانت اوراقه ممزقه .
ومرت الأيام وصار عندهم " بَرَكِّية " ، صحيح انها بأرض أبيهم ولكن الأرض لم تعد لهم فقد استولى عليها الآخرون، ودارت الأيام وكبر الاولاد واشتد عودهم واصلب ذراعهم ، وصاروا يردوا الجميل للناس الذين ساعدوهم بحسب وصية أبيهم كما نقلتها الام لهم : " انسوا من أساء لكم ولكن إياكم أن تنسوا من احسن لكم " .
صار عمرها سبعين عاما وقرر الاولاد والاحفاد الاحتفال بها وسالوها : 
"يا ست الكل ، شو قصدك لما قلت لنا افعلوا ما شئتم حتى تعيشوا الا الخيانة ؟" . 
قالت : " خيانة العهد والارض " .
قالوا : "بعيد ميلادك السبعين شو بتحبي نعمل لك ؟ "
قالت : "ليش انتو تقدروا تلبوا طلباتي ؟ "
قالوا : "انت أؤمري يا حجة وجربينا "
اجهشت بالبكاء وقالت : 
" بدي زوجي وارضي وبيتي وثيابي ووسادتي وأحلامي وطفولتي وجارتي وخالتي ، بدي ارجع كل اشي.
تكلم الأبناء بينهم بعيون صامتة وفهموا أن امهم تهذي أو "تخرفنت ".
لم تستسلم العجوز وقالت : " لا يا حبايبي ما "تخرفنت" ، أنا عارفه انه الزمان مش زماني ، بس انا ما نسيت زماني " .
سكت الجميع .....وما زالت تنتظر الاجابة !!!!!!!!!!!!!!

سمير خطيب ٢٠١٨ كفركنا

1022
مشاهدات
0
تعليق

ابلاغ Report

تصنيف: 
جاري التحميل