• ما أهمية وجود مجمع للكنائس الانجيلية ؟ بقلم: بطرس منصور
ما أهمية وجود مجمع للكنائس الانجيلية ؟  بقلم: بطرس منصور

تتمتع الكنيسة المحلية الانجيلية الحرة (واستعمل هذا المصطلح لمنع الالتباس مع الكنائس الانجيلية الأسقفية اوغيرها) بحرية إدارة شؤونها والقرار بما يختص بمصيرها. فالكنيسة المحلية في بلد محدد هي صاحبة القرار وهي تتمتع بالسلطة العليا بما يختص بتعيين راعيها او شيوخها او صرف ميزانياتها فهي لا تخضع لنظام هرمي يفرض بواسطته أصحاب شأن ارادتهم عليها. وهي ايضاً التي تقرر عقيدتها (وغالباً تتبني عقيدة من أسسها) وتحاسب من ينحرف عنها او يشذ عن التصرف المقبول والمتبع.

هناك تفاوت صغير بين الكنائس الانجيلية الحرة في بلادنا في قضية استقلاليتهم ولكن بالمجمل الكنائس تتمتع بتلك الحرية.

نظرياً يمكن للكنيسة المحلية ممارسة هذه الحرية بمفردها وبمعزل عن باقي الكنائس التي تتبع لنفس العائلة الكنسية (المعمدانية او الاخوة مثلاً) او بمعزل عن الكنائس الأخرى من الحلقة الاوسع (الكنائس الانجيلية المختلفة من نفس العائلة الكنسية والأخرى من العائلات الشقيقة ذات الايمان القريب).

ولكن هل هذه الانعزالية صحيّة وستنجح الكنيسة التي تتخذ هذا التوجه في تتميم رسالتها وما دعاها الرب اليه؟

فيما يلي خمسة أسباب لاعتقادي بأن الإجابة سلبية على السؤال:

 

1) وصية الرب: صلى الرب يسوع في صلاته الأخيرة قبل الصلب للآب طالباً ان "يَكُونَ الْجَمِيعُ وَاحِدًا، كَمَا أَنَّكَ أَنْتَ أَيُّهَا الآبُ فِيَّ وَأَنَا فِيكَ، لِيَكُونُوا هُمْ أَيْضًا وَاحِدًا فِينَا، لِيُؤْمِنَ الْعَالَمُ أَنَّكَ أَرْسَلْتَنِي." (يوحنا 17: 21). لقد شبه الرب وحدة المؤمنين المأمولة بالوحدة في الثالوث!! كما انه أوضح انها شرط لكي يؤمن العالم بإرساليته! عندما يرى العالم تلك الوحدة بين المؤمنين والممثلة بأطر مشتركة فانهم يتيقنون بصدق واصالة لرسالتهم التي جعلتهم موحدين ومحبين لبعضهم البعض.

عسى مثل تلك الوحدة من خلال مجمع او رابطة او هيئة يتمم وصية الرب الواضحة المذكورة.

2) عدد الانجيليين: في الوقت الذي يراوح عدد الانجيليين بضعة آلاف فقط، فمن الضروري التكاتف ولم الشمل برغم الاستقلالية الفردية لكل كنيسة وأخرى. فبالإضافة لضرورة وجود ثقل نوعي في كل عائلة كنسية ودينية في البلاد لتؤثر ويكون صوتها مرفوعاً –لكن العدد الكلي لا يقل أهمية. فرجال الحكومة والبلدية والاقتصاد والمجتمع والفئات السكانية الدينية الأخرى تقيّم الانجيليين بثقلهم النوعي والكمي على حد سواء.

3) فعالية أكبر: ببساطة، تترجم الاعداد الأكثر لجيش أكبر يعمل في الحقل. ان القوة الفاعلة للكنائس ذات نفس المأمورية العظمى تكبر بازدياد عدد افرادها الاجمالي.

فيمكن ان تجد افراداً من كنيسة معينة منحوا مواهب تعليم وآخرين في التبشير او الإدارة او التخطيط. كما تتميز بعض الكنائس بموارد مالية بينما أخرى بموارد بشرية او بموارد في العلاقات مع أصحاب سلطة (يمكن ان تترجم لفتح الأبواب). يمكن لكل كنيسة محلية ان تعمل بانفرادية بحسب فهمها، ولكن التعاون وباتفاق كامل بالطاقة الكاملة صوب الهدف يحصد الثمار الأكبر.

4) حماية لاهوتية وادبية: ان طبيعة كنائسنا بأعدادها القليلة تجعل انفرادية وعزلة كل كنيسة خطراً على قيادتها، اذ يمكن لها بسهولة الانحراف عن التعليم الكتابي القويم او حتى عن الممارسة الحياتية او الإدارية المقبولة.

ان وجود القادة (والشعب ايضاً) في شركة علاقات مع غيرهم تحميهم من هجومات ابليس.

وكما يقول الحكيم: الحديد بالحديد يحدد والانسان يحدد وجه صاحبه (أمثال 27: 17). ان التعامل والاحتكاك الإيجابي يصقل الآراء والشخصيات ويبنيها ويمنع الصدأ الذي يترجم الى انحرافات غريبة.

5) بناء مجتمع انجيلي: ان تواجد الكنائس المحلية تحت غطاء او إطار انجيلي واحد يزيد الالفة والتقارب ويساهم في بناء علاقات صحية مثل شراكات العمل بين أصحاب نفس الايمان او الزيجات أو الصداقات وغيرها. لا نسعى لتكوين مجتمع منعزل عن باقي العالم، لكن وجود مجتمع انجيلي متماسك ومتآلف يساهم في تطوير أسلوب حياة صحي لجميع الافراد الانجيليين.

هذا المقال وكل المقالات التي تنشر في موقع "تعال وانظر" هي على مسؤولية كاتبيها ولا تمثل بالضرورة رأي هيئة التحرير في الموقع