قارئة الفنجان -سمير خطيب
** قارئة الفنجان **☕
كانت تجلس على قارعة الطريق ، وكان لدي الوقت لاراقبها حيث جلستُ في الجهة المقابلة على طاولة احتسي القهوة أفسبكُ وأوتسبُ ، لأمرر الوقت في انتظار صديق تأخر كعادته عن الموعد .
عمرها يتعدى السبعين ، لباسها غير مهندم ، ويبدو لي أن صوتها عاليا حيث كنت اسمع صوتها تنادي المارة : " تعالوا لأقرأ لكم الفنجان ، تعالوا لادلكم على بختكم وحظكم، تعالوا لن يكلفكم كثيرا معرفة مستقبلكم، فقط ثمن ربطة خبز ، اقتربوا تعالوا " .
الناسُ يقتربون لبضع دقائق يجلسون معها وتقرأ لهم البخت ثم ينصرفون والابتسامة تعلو وجوههم سعادة ، ففكرت في نفسي ما عساها أن تقول لهم ؟ وهل كل الناس طالعهم جميل ؟ هل سيختفي التعساء والبؤساء والنكديون ؟ .
صديقي تأخر كثيرا أيضا كعادته فاتصلت به لأعرف اين صار فقال لي:" خمس دقائق واكون عندك " ، وانا طبعا فهمت انه سيصل بعد خمس وعشرين دقيقة ، وكان لا بد ان استغل الوقت فنظرت إليها واذا بها تنظر باتجاهي وقالت تناديني :
" انت أيها الجالس لوحدك تعال واعرف مستقبلك " .
لم اتردد كثيرا وحملت فنجاني واتجهت نحوها ،
قالت :
" ماذا تريد أن تعرف "
اجبتها:
" انا لا أهتم كثيرا للمستقبل الشخصي فالحياة ستاخذني إليه شئت ام ابيت ".
- اذا لماذا جئت
_ رأيت الجميع يغادر طاولتك سعيدا فجئت ابحث عن السعادة في قضيتنا
- وماهي قضيتكم
- إنها قضية العصر، قضية الظلم المضاعف ، ظلم الغريب وذوي القربى ، انها قضية فلسطين .
اخذت من يدي الفنجان ، تفحصته مرة تلو المرة ثم قالت :
" أمامكم عشر سنين عجاف ، حياتكم ستكون صعبة ، الاحتلال سيشتد ويضيق الخناق أكثر، ستقاتلون بعضكم وتنسوا المحتل ، ستنشغلوا بتفاهات الأمور وتنسوا القضية"
.
"وبعدها ماذا سيكون ؟" سألتها متحمسا مسرورا فقد خطر ببالي السنوات العجاف في قصة يوسف عليه السلام !
قالت والأسى باد عليها :
" بعدها ؟ بعدها ..... بتتعودوا يا ابني