• كلمة الطلاب في حفل تخريج طلاب اللاهوت في كلية الناصرة الانجيلية
كلمة الطلاب في حفل تخريج طلاب اللاهوت في كلية الناصرة الانجيلية

القس البير صليبا- عن الطلاب المتخرجين في كلية اللاهوت الانجيلية 27 حزيران 2015

 حضرةُ إدارةِ كليةِ الناصرةِ الإنجيليةِ، حضرةُ عميدِ الكليةِ، حضراتُ المدراءِ، حضراتُ الأساتذةِ الأحباءِ، أيها الحفلُ الكريمُ، سلام لكم باسم ربنا يسوعَ المسيحِ

أقف أمامكم متحدثاً بإسمي، ونيابةً عنِ الطلبةِ الخرجينَ، نرحب بكم، ونشكركم لمشاركتكم إيانا هذه الفرحة؛ فرحةُ تخريجِ الفوجِ الأولِ من كليةِ الناصرةِ الإنجيليةِ لطلبةِ البكالوريوس في دراسةِ الكتابِ المقدسِ وطلبةِ الماجستير في القيادةِ والخدمة. بهذا التخرجِ نطوي صفحةً من تاريخٍ دراسيٍ مليءٍ بالإنجازاتِ، لنفتحَ صفحةً جديدةً نحو المستقبلِ، فالتخرجُ ليس النهايةَ، ولكنهُ بدايةُ التطبيقَ العمليِّ في خدمةِ السيدِ وإمتدادِ ملكوتهِ.  

إنّ وصولنا لهذا اليومِ لهو فخرٌ وشرفٌ ليس للخريجينَ فقط، بل لكل من ساهمَ وكان سبباً في هذا الإنجازِ. ومن هنا أتقدمُ واوَدُ منكم أحباءنا الأساتذةَ، أن أشيدَ بعملكم معنا طوال فترةِ الدراسةِ، هذا العملِ الذي كان رمزاً للوفاءِ، والمحبةِ الأخويةِ، والإخلاصِ، والتفاني، ففي كل مرةٍ توجهنا لكم للأستفسارِ عن موضوعٍ ما، كنتم لنا خير مرشدينَ، وعندما كان من الصعبِ على أي طالبٍ إختيارُ أيَ توجيهٍ دراسيٍ، كنتم خير مستشارينَ،  وحتى على حسابِ وقتكم الخاصِ كنتم تُصغُونَ وتُرشدونَ وتوجهونَ.

أما الأمر المميَزُ في خدمتكم التعليميةِ، فهي روحُ المسيحيةِ المثاليةِ وروحُ التواضعِ، رغمَ التفاوتِ الكبيرِ في المستوى الثقافي بيننا، لكن كانت روحُ الأخوةِ المسيحيةِ تسودُ اللقاءاتِ الدراسيةَ، مقديمينَ بعضَنا بعضاً بالكرامةِ.

فكونُنا نقفُ هنا كطلبةٍ خريجينَ نحصدُ ثمرَ سنينَ دراسيةٍ، هذا أيضا بفضلِ خدمتِكم كمعلمينَ متشبهينَ بالمعلمِ الأعظمِ. فنشكرُ اللهَ لأجلكم، ولأجلِ عملكم الرائعِ، سائلينَ السيدَ، أن يجعلَ باباً مفتوحاً أمامَكم وأمامَ كليةِ الناصرةِ الإنجيليةِ.

ولا أنسى في هذه المناسبةِ أيضاً، أن أتقدمَ بخالص الشكرِ والتقديرِ لزوجتي الغاليةِ تريز التي كانت خيرَ سندٍ ودعمٍ لي في كل فترةِ الدراسةِ.

ايها السادةُ الكرامُ، إسمحوا لي بهذهِ المناسبةِ أن أنتهزَ هذهِ الفرصةَ كخادمٍ للربِ، وكطالبٍ في هذه الكليةِ، حتى أنوهَ بأهميةِ التعليمِ وتأثيرهِ على حياتنا كأفرادٍ وخدامٍ للمسيح.

وهذا رأيي الشخصيّ، أنَّ في التعليمِ معرفةٌ وفي المعرفةِ قوةٌ. ومهما حاول الفردُ أو الكنيسةُ، التغاضيَ عن واقعِ الظروفِ والأحداثِ المحدقةِ بالكنيسةِ، من إلحادٍ، وإنعدامِ القيمِ الأخلاقيةِ، والإفتراءِ على كلمةِ اللهِ، وحتى تسييسِ النصوصِ الكتابيةِ، فهذا لا يخففُ من مسؤوليةِ الكنيسةِ بقادَتِها؛ بل يزيدُ من مسؤوليتها بأنها "القوةُ" الفاعلةُ في المجتمعِ والمؤثِرةُ في وسطِ هذهِ الظروفِ والأحداثِ. وهذهِ القوةُ نكتسبها من خلالِ تطويرِ المهاراتِ الفكريةِ في النقدِ الواعي والبناءِ في القضايا اللاهوتيةِ والأخلاقيةِ والإجتماعيةِ. وبالتالي هذا الأمرُ يتطلبُ منّا كمسيحيينَ أن نتعلمَ بإشرافِ معلمينِ ذوي معرفةٍ وإلمامٍ في الكتابِ المقدسِ، معلمينَ دعاهمُ اللهُ لرسالةِ التعليمِ لأجلِ تكميلِ القديسينَ، كما هو الأمرُ في هذهِ الكليةِ؛ التي لم تعلم كلمةَ الحقِ فقط، بل علمت مفهومَ الحياةِ في المسيحيةِ.  

أما القولُ التصوفيُ _حسب رأي البعضِ_ "أننا لسنا بحاجةٍ للتعليمِ لأن الروحَ القدسَ هو يعلمنا"، من وجهةِ نظري الخاصةِ، هذا قولٌ صحيحٌ من ناحيةٍ روحيةٍ، ويمَسُ بعضَ لِبابِ الحقيقةِ وليست كلَها، لأن الموقفَ الروحيَّ هو وجهٌ واحدٌ من وجوهِ وجودنا الفعليِّ وحياتِنا كمسيحيينَ في المجتمعِ من حولنا. أما الوجهُ الآخرُ، فإن الروحَ القدسَ يوضِّحُ حتميّةَ التعليمِ، وما أوكلَ الينا من عملٍ في هذا المجتمعِ، أن نقلَعَ ونهدمَ ونبنيَ ونغرِسَ من خلال كلمةِ اللهِ، حيثُ يصعَبُ عملُهُ إن لم يكن لدينا القدرةُ على تبيئةِ وتأوينِ الفكرِ الإلهيِّ وتجسيدهِ على أرضِ الواقعِ وخاصةً في المجتمعِ العربيِّ المعاصرِ. وهذهِ القدرةُ نستطيعُ أن ننميَها بشكلٍ أوسعَ من خلالِ الدراسةِ والتعليمِ وكما هو في سفرِ الأعمالِ "أنَّ التلاميذَ كانوا يواظبونَ أولاً، على تعليمِ الرسلِ، ثم الشركةِ وكسرِ الخبزِ والصلواتِ. لذلك فإنّ كلَ إجحافٍ يحيقُ بالتعليمِ، هو إجحافٌ بحقِ كلمةِ اللهِ.

 أما الأمرُ، الذي يجبُ أن لا يغيبَ عن أذهاننا، هو، أن البشريةَ لا تستطيعُ أن تغيرَ الحقَ، لكنَ الحقَ يستطيعُ أن يغيرَ البشريةَ، وكشعبٍ دعينا كي نسلكَ بالحقِ، هذا يدفعُنا كأفرادٍ، وقادةٍ، وخدامٍ،  للبحثِ بأكثرِ عمقٍ، ودراسةِ الكتابِ المقدسِ بأكثرِ تدقيقٍ، وهذا التعليمُ في الكتاب المقدس إذ يقول عن أبُلُّس، "أنه كان خبيراً في طريق الرب وكان وهو حاراٌ بالروحِ يتكلمُ ويُعلمُ بتدقيقٍ ما يختصُ بالربِ عارفاً معموديةَ يوحنا فقط. فلما سمعاهُ أكيلا وبريسكيلا أخذاهُ وشرحا له طريقَ الربِ بأكثر تدقيق".

وهذا ما اكتسبناهُ نحن كخرجي درجة ال BA. وخرجي درجة ال MA. أننا كنا تحتَ إشرافِ معلمينَ في هذهِ الكليةِ حيثُ شرحوا لنا الكتابَ المقدسَ وطريقَ الربِ بأكثرِ تدقيقٍ.

وفي الختامِ أقولُ إنَّ التعليمَ ودراسةَ الكتابِ المقدسِ ليسَ حِكراً على جيلٍ دونَ الآخرِ أو على طائفةٍ دونَ الأخرى، لكنهُ حقٌ كتابيٌ، يجب أن يسريَ في حياةِ كل فرد منا كي نكونَ مفصلينَ كلمةَ الحقِ بالإستقامةِ في الإرسالية العظمى المقدسة.

وما نرجوهُ اليومَ كخرجينَ ماثلينَ أمامكم، هو أن يكونَ تخرجُ هذا الفوجِ الأولِ من كليتِكم القيمةِ، محفزاً لكل فردٍ منكم، كي يغدوَ هو أيضاً واحداً من الخرجينَ في المستقبلِ القريب.

وأخيراً نكررُ الشكرَ الجزيلَ لكليةِ الناصرةِ الإنجيليةِ وللأساتذةِ الأفاضلِ طالبينَ من إلهنا العظيمِ أن يستخدمَ رسالةَ التعليمِ المقدسةَ التي أئتمنوا عليها، لنشرِ كلمةِ الحقِ ولإمتدادِ ملكوتِ الربِ.

وشكراً جزيلاً لإصغائكم

 

هذا المقال وكل المقالات التي تنشر في موقع "تعال وانظر" هي على مسؤولية كاتبيها ولا تمثل بالضرورة رأي هيئة التحرير في الموقع